يبدو أن العلاقة بين ألمانيا وفرنسا في أدنى مستوياتها حالياً، وهذا يشكل تهديد حقيقي للوحدة الأوروبية. فما هي أسباب الخلافات بين ألمانيا وفرنسا؟
تم إلغاء الاجتماع المخطط له قبل أسبوع لأعضاء الحكومة الألمانية والفرنسية بالقرب من باريس.
وقبل يوم واحد من قمة الاتحاد الأوروبي، اعترف كلا الجانبين بشكل مفاجئ بأن تأجيل اجتماع مجلس الوزراء الفرنسي والألماني له علاقة أيضاً بالخلافات على مضمون الاجتماع.
وكان إلغاء الاجتماع الوزاري بمثابة اعتراف بأن العلاقات الفرنسية الألمانية وصلت إلى الحضيض.
وحقيقة عدم اجتماع ألمانيا وفرنسا معاً في هذه الأوقات الحرجة أمر مقلق بالنسبة للاتحاد الأوروبي بأسره، وهذا هو بالضبط السيناريو الذي يريده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما عنوت صحيفة ليزيكو الفرنسية.
أسباب الخلافات بين ألمانيا وفرنسا
قبل بدء قمة الاتحاد الأوروبي، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالمستشار أولاف شولتس لمدة نصف ساعة، ثم أعلن أنه ليس من الجيد لأوروبا إذا عزلت ألمانيا نفسها.
حيث تتهم فرنسا ألمانيا باستخدام قوتها الاقتصادية لتشويه المنافسة على مستوى الاتحاد الأوروبي، من خلال برنامجها الخاص الذي أعلنت عنه مؤخراً بإنفاق ما مجموعه 200 مليار يورو لفرملة أسعار الطاقة وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين والشركات.
كما ترفض ألمانيا وضع سقف لأسعار الغاز في أوروبا بينما تؤيد غالبية الدول الأعضاء بما فيهم فرنسا هذه الخطوة، بالأخص للغاز الذي يُستخدم في توليد الكهرباء، لفصل أسعار الغاز والكهرباء عن بعضهما البعض، لذلك تتهم هذه الدول ألمانيا بعدم التضامن في أزمة الطاقة.
ولكن المستشار أولاف شولتس دافع عن الموقف الألماني في الخلاف حول ارتفاع أسعار الطاقة، وقال لدى وصوله إلى قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل: “من الواضح جداً أن ألمانيا تصرفت بطريقة تضامنية للغاية”.
وأكد أن محاولة ألمانيا تخفيف العبء عن كاهل المواطنين من خلال الحزمة المالية التي تصل إلى 200 مليار يورو، هو بالضبط نفس ما تفعله العديد من الدول الأخرى، وذكر على وجه التحديد فرنسا وإيطاليا وإسبانيا.
وفي الوقت نفسه رفض شولتس مرةً أخرى تحديد سقف أوروبي لأسعار الغاز.
حيث ترفض بعض الدول مثل ألمانيا والدنمارك وهولندا ذلك لأنها تخشى مشاكل الإمداد، إذا قام مزودون مثل الولايات المتحدة الأمريكية أو النرويج ببيع الغاز إلى آسيا، بينما تضغط غالبية دول الاتحاد الأوروبي من أجل تحديد سعر أقصى مشترك للغاز.
وعلى الرغم من أن الجانبين الألماني والفرنسي اتفقا على مساعدة بعضهما البعض في الكهرباء والغاز في الشتاء المقبل، إلا أن هناك بعض السخرية من سياسات الطاقة لدى كل منهما.
من منظور ألماني تدفع فرنسا ثمن اعتمادها المفرط على الطاقة النووية، والآن يتم إغلاق العديد من المفاعلات لمعرفة المزيد حول هذا الموضوع من هنا.
في نفس الوقت تتهم فرنسا ألمانيا بالاعتماد على الغاز الروسي الرخيص لفترة طويلة جداً، وعليها الآن تشغيل محطات طاقة تعمل بالفحم، والتي تنبعث منها كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.
هناك أيضاً خلاف حول إنشاء خط أنابيب من إسبانيا إلى فرنسا، حيث لا تهتم فرنسا كثيراً بحصول ألمانيا على الغاز أو الهيدروجين من إسبانيا، لأن الدولة الجارة يمكنها أن تزود ألمانيا بكليهما، ولكن وزير الاقتصاد والطاقة الاتحادي روبرت هابيك يعيد التأكيد على اهتمام ألمانيا ببناء الخط ووصفه بأنه “مشروع المستقبل”.
الخوف من الهيمنة الألمانية
منذ أن زادت ألمانيا بشكل كبير من ميزانيتها الدفاعية، بدأت فرنسا تراقب بفزع ألمانيا، وهي تشتري طائرات مقاتلة أمريكية، وتنظم مبادلات عسكرية مع دول أوروبا الشرقية.
صحيح أن هذا يتعلق في المقام الأول بدعم أوكرانيا، ولكن هناك مخاوف من أن تحصل ألمانيا على موطئ قدم في دول أوروبا الشرقية.
وهناك انطباع بأن ألمانيا تمضي قدماً بمفردها لقيادة أوروبا عسكرياً، فمن وجهة النظر الفرنسية، كانت الإهانة الأخيرة هي اقتراح شولتس بإنشاء نظام دفاع جوي أوروبي، حيث أن 15 دولة تريد الآن المشاركة، لكن ليس فرنسا التي تعمل على تطوير حل مع إيطاليا.
تعليقان
Danke dir
Bitte bitte